ضريح القطب مولاي عبد السلام بن مشيش العلمي
اكتسى جبل العلم عند المغاربة على الخصوص أهمية بوجود ضريح مولاي عبد السلام بن مشيش العلمي به، المتوفى في السنة 626 هـ / 1229 م. فهو مزار مشهور عبر تاريخ المغرب منذ القرن السابع الهجري (القرن الثالث عشر الميلادي)، إذ أمه وقصده مشاهير الرجال والصلحاء من أولياء الله المسلمين،
أمثال أبو الحسن الشاذلي (إن لم تسعفك الوصلة اطلبه إذا في أبي الحسن الشاذلي) مؤسس الطريقة الشاذلية، الذي قدم على مولاي عبد السلام بن مشيش في طلب قطب زمانه من العارفين الربانيين فتتلمذ على يديه.
كما لجأ إليه طلبا للبركة عامة القوم وخاصتهم، بل وقد احتمى بالضريح بعض الحكام أو الملوك (انظر تاريخ السلطان مولاي سليمان بن محمد (1760 - 1822)) عندما كانت أوضاعهم السياسية تعتريها عثرات أو اضطرابات داخلية مما هو معروف عند دارس تاريخ المغرب، بحسب المؤرخين.
وتعد زيارة الضريح في الأدبيات المغربية عند العامة "حج المسكين" لمن لم يستطع القيام بفريضة الحج إلى بيت الله الحرام (مكة)، والزيارة لقبر الرسول سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم (المدينة المنورة)... فيكتفون بزيارة الضريح المذكور تبركا وطلبا لصالح الدعاء من الشرفاء القاطنين جبل العلم من ذرية القطب والولي عبد السلام بن مشيش المدفون بقنة جبل العلم.
ومن المشاهير الذين زاروه زيارة خاصة في عصرنا هذا العالم الرباني الشيخ محمد متولي الشعراوي عند مقدمه ضيفا مكرما ليلقي درسا من الدروس الحسنية الرمضانية بالرباط (ونقلت الخبر عن صديقي الدكتور أحمد رمزي وذكرته في مقال مطول عن العلميين وتاريخهم - وهو منشور) (حرره: الدكتور أمل بن إدريس بن الحسن العلمي).
عبد السلام بن مشيش له مكانة خاصة عند المغاربة ومحبة، تجتمع فيها محبة آل البيت والعثرة الشريفة عموما وبني مولاي إدريس الأول على الخصوص، الحسنيون العلويون، الهاشميون. وقد تعاطف المغاربة مع إدريس بن عبد الله الكامل؛ -اللاجئ طلبا للنصرة بين أحضانهم، هم المحبون للرسول صلى الله عليه وسلم، وآل بيته؛ - وذلك بعد اضطهاده في المشرق الإسلامي على عهد العباسيين (موقعة فخ) ومحنة ذريته من الأدارسة من بعده في المغرب على أيدي موسى بن أبي العافية من قبل الدولة الفاطمية بأفريقيا (تونس). فكانت قلعة حجر النسر (على بعد 12,9 كم من سوق خميس بني عروس) بالقرب من مولاي عبد السلام، فشكلت قلعة حجر النسر معقل الأدارسة الأخير (ومقر وعاصمة حكمهم قبل اندثار دولتهم)، وقبل انتشار حفدتهم في جبل العلم (فسموا به: العلميون نسبة لمكان مقامهم وسكناهم بجبل العلم)، ومن ثم انتشروا في القرى المجاورة. وذلك بخلاف ما اعتقده بعض من رأى غير ذلك في سبب التسمية. والتسمية نسبة لمقر السكنى شئ عادي ووارد كأن تقول فاسي، وطنجاوي ورباطي ومراكشي وهلم جرا. وذلك ليس بخاص بالمغرب بل أطلقت تسميات على هذا النحو لمن قدم من العراق مثلا العراقي ولمن ينسب للمدينة المدني، و... القرطبي (نسبة لقرطبة)، و... و... غير ذلك، كما هو معروف. واسم جبل العلم كان قبل أن يكون مولاي عبد السلام بن مشيش. وبذلك حسم النقاش في هذه المسألة.